الحلقة 4

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
(فصلت : 19 )

فما معنى يوزعون ؟

موعدنا اليوم مع كلمة لم تذكر فى كتاب الله الا فى ثلاثة مواضع
في الاية السابقة ومرتين فى سورة النمل

ومن بلاغة القرآن انه لم تذكر القصص فى السور اعتباطا
ولا تكرار فى القرآن لاى قصه فكل قصة كان يذكر منها الحدث
او العبره لتى توافق ما تتحدث عنه الصوره
ففي سورة النمل فى الايه 17

وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
(النمل : 17 )

جاءات تمهيدا للأيه 83

وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ
(النمل : 83 )

اي ان الحاشر واحد فكما حشر لسليمان الجن والانس والطير
قادر على ان يحشرنا جميعا يوم القيامه

فسبحان الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا

أما كلمة يوزعون

للوهلة الاولى وجدت فى كتب التفسير ان معناها يساقون
ولا شي غير يساقون
ولكنى تسائلت لو هى يساقون فقط
لماذا لم تأتى فى الايه يساقون بدل من يوزعون حيث
ان كلمة يساقون قد ذكرت من قبل فى سورة الانفال

يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ
(الأنفال : 6 )

ووجدت ايضا تفسير يقول
يوزعون : اي يرد أولهم على اخرهم
ولا ادرك جيدا معنى هذا التفسير حتى الان
وياريت لو حد فاهمه يبعت يوضحلى ويبقى جزاه الله خيرا
ووجدت تفسير آخر
يوزعون : اي انهم يُكفون والعياذ بالله
على وجوههم وعلى بعضهم البعض وهم يساقون
وهو تعبير فى منتهى القسوة والذل والمهانه

ودعوت الله ان يهدينى فى هذه الكلمه وبعقلى الضعيف فكرت فى ان
كلمة يوزعون قد تأتي من التوزيع ولما كان الحشر مصحوبا لهذه الكلمه
فى الايات الثلاثه فان من يحشرهم الله يساقون ولكن فى ترتيب معين
وبالفعل وجدت فى تفسير القرطبي ما يوافق هذا تقريبا

فَهُمْ يُوزَعُونَ
يُسَاقُونَ وَيُدْفَعُونَ إِلَى جَهَنَّم .
قَالَ قَتَادَة وَالسُّدِّيّ : يُحْبَس أَوَّلهمْ عَلَى آخِرهمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا
; قَالَ أَبُو الْأَحْوَص : فَإِذَا تَكَامَلَتْ الْعُدَّة بُدِئَ بِالْأَكَابِرِ فَالْأَكَابِر جُرْمًا

اي ان صفوف الموزعون تبدأ بالأكابر وبالأكثر قوة
وهذا ما يوافق سورة النمل فترتيب الموزعون فى الايه
هم الجن ثم الانس ثم الطير

وكذلك اعداء الله يوزعون الى جهنم فيحبس أولهم على آخرهم
حتى يجتمعوا جميعا فيكون اكابر المجرمين والمكذبين فى المقدمه
واقلهم فى آخر الصفوف المحشوره الى النار والعياز بالله
فيساقون ويكفون على وجههم وعلى بعضهم البعض حتى يُلقوا فيها جميعا

ووالله الذي لا اله الا هو
الله رحيم وأرحم بعباده من الأم الرفيقة بولدها
ولكن من عباده من تجرأ عليه واستهزأ به وسبه ورسوله
واستكبروا وأعرضو ولا يعتبرون لاي ايه من آيات القرآن
ولا قدرو الله حق قدرة وأشركوا به وجعلو له أنداد وخرقوا له اولادا
وجعلو القرآن عضين وكانو من المقتسمين
ولا سجدو لله سجده
وأصروا على الشرك بعد ما جاءهم الهدى من ربهم
ولا نجد لهم جزاء - والحسرة تدمى قلوبنا عليهم - إلا النار والعياز بالله

نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ

(الحجر 49 : 50 )

صدق الله العظيم